» تقويم شهر رمضان المبارك لعام 1427هـ  » جلسة استقبال شهود هلال شهر رمضان المبارك  » تقويم شهر شعبان المعظم لعام 1427هـ  » التقويم الشهري لشهر رجب المرجب من عام 1427 هـ  » التقويم الشهري لشهر جمادى الآخرة من عام 1427 هـ  » تم إضافة تسجيل لعزاء وفاة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام  » التقويم الشهري جمادى الأولى لعام 1427  » الحسينية الجعفرية احتفلت بعودة الميرزا عبدالله الاحقاقي  » التقويم الشهري لشهر ربيع الأخر لعام 1427  » تم إضافة تسجيل لعزاء وفاة الأمام الحسن العسكري عليه السلام  

  

30/11/1999م - 12:00 ص | مرات القراءة: 1672


أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ. هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ، أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ للهِ الذي فضَّل العلماء على سائر عباده فضل الشمس على الكواكب، وجعل تفاضلهم بقدر استقامتهم على الطريقة وتحمَّلهم من الآثار والمراتب. ورجَّح مدادَهم على دماءِ الشهداءِ المجاهدين؛ كما فضَّلَ المجاهدين على القاعدين. والصلاةُ والسلامُ على مُعَلِّمِ العالم؛ وأشرفِ ولدِ آدم؛ وخاتمِ الأنبياءِ وقائدِ الأمم؛ محمَّد سيدِ العربِ والعجم، وعلى آلِه وأهلِ بيته؛ معادنِ المعارفِ والحكم؛ ومصابيحِ الظُلَم؛ وأولياءِ النعم. ولعنةُ اللهِ على أعدائِهم أعداءِ العلماءِ الأبرار، والقائدين أصحابهم إلى النار؛ من الكفَّارِ والفجَّار؛ كلما تكوَّر الليلُ على النهار.*

(*إجازة خادم الشريعة الغراء الميرزا عبد الرسول الحائري قدس سره من والده الإمام المصلح الميرزا حسن الحائري قدس سره)
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم العزيز المنزل على نبيه المرسل أبي القاسم محمَّد صلى الله عليه وآله
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{(البقرة:185)
أيها الإخوة المؤمنون الكرام الأعزاء.. يُقبِلُ علينا شهر الله عَزَّوَجَلَّ ؛ شهر رمضان الكريم؛ يُقبِلُ بالبركة والرحمة والمغفرة (بلغنا الله صيامه وقيامه)، وقد خطب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله خطبة جليلة في آخر جمعة من شهر شعبان، وهي مروية عن أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)، وهذه الخطبة مشهورة معروفة ولله الحمد؛ نوردها ونجعلها استهلالاً لحديثنا حول عظمة هذا الشهر وأسراره.
1- قال الإمام علي (عليه السلام) : إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم في آخر جمعة من شهر شعبان فقال:
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ. هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ، أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ. وَاذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ جُوعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَعَطَشَهُ، وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكُمْ وَمَسَاكِينِكُمْ، وَوَقِّرُوا كِبَارَكُمْ، وَارْحَمُوا صِغَارَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَغُضُّوا عَمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهِ أَبْصَارَكُمْ وَعَمَّا لَا يَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِ أَسْمَاعَكُمْ، وَتَحَنَّنُوا عَلَى أَيْتَامِ النَّاسِ يُتَحَنَّنْ عَلَى أَيْتَامِكُمْ، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ ذُنُوبِكُمْ، وَارْفَعُوا إِلَيْهِ أَيْدِيَكُمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ صَلَاتِكُم‏ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ السَّاعَاتِ؛ يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إِلَى عِبَادِهِ يُجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوْهُ وَيُلَبِّيهِمْ إِذَا نَادَوْهُ وَيُعْطِيهِمْ إِذَا سَأَلُوهُ وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعَوْهُ
.
2- أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَنْفُسَكُمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكُمْ فَفُكُّوهَا بِاسْتِغْفَارِكُمْ، وَظُهُورَكُمْ ثَقِيلَةٌ مِنْ أَوْزَارِكُمْ فَخَفِّفُوا عَنْهَا بِطُولِ سُجُودِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ الْمُصَلِّينَ وَالسَّاجِدِينَ وَأَنْ لَا يُرَوِّعَهُمْ بِالنَّارِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ فَطَّرَ مِنْكُمْ صَائِماً مُؤْمِناً فِي هَذَا الشَّهْرِ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ نَسَمَةٍ وَمَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَيْسَ كُلُّنَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. فَقَالَ : صلى الله عليه وآله اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ
.
3- أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خُلُقَهُ كَانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ، وَمَنْ خَفَّفَ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ خَفَّفَ اللَّهُ عَلَيْهِ حِسَابَهُ، وَمَنْ كَفَّ فِيهِ شَرَّهُ كَفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ أَكْرَمَ فِيهِ يَتِيماً أَكْرَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ قَطَعَ فِيهِ رَحِمَهُ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ رَحْمَتَهُ يَوْمَ يَلْقَاهُ، وَمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِصَلَاةٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كَانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، وَمَنْ أَكْثَرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ ثَقَّلَ اللَّهُ مِيزَانَهُ يَوْمَ تَخِفُّ الْمَوَازِينُ، وَمَنْ تَلَا فِيهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ.
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُغَلِّقَهَا عَنْكُمْ، وَأَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُفَتِّحَهَا عَلَيْكُمْ، وَالشَّيَاطِينَ مَغْلُولَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لَا يُسَلِّطَهَا عَلَيْكُمْ. قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقُمْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؟، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ.) إلى آخر خطبته صلوات الله وسلامه عليه وآله الطيبين الطاهرين.
4- وبعد هذه الخطبة الجليلة نحلق في سكينةِ وطمأنينةِ؛ بتأملٍ ذكي وفكرٍ صافيٍ حكمي؛ مع ما سَطَّرَهُ الحكيم الصمداني جناب السيد الأمجد السيد كاظم الرشتي قدس سره في كتابه ((أسرار العبادات))، يقول قدس سره حول أسرار الصوم
:
[وأما الصوم وأسراره فعن النبي صلى الله عليه وآله أنَّه قال: (أَصلُ الإسلامِ الصلاة، وفرعُهُ الزكاة، وذروتُهُ الصيام، وسنامُهُ الجهاد)، وعنه  صلى الله عليه وآله: (زكاةُ الأبدانِ الصيام)، وقال صلى الله عليه وآله: (الصيامُ يُسَودُ وجَهَ الشيطان). وجاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم: لأي شيء افترض الله الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوماً؟، فقال صلى الله عليه وآله: (إنَّ آدمَ لما أكلَ من الشجرةِ بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوماً، فافترضَ على ذريته -ثلاثين يوماً- الجوعَ والعطشَ، والذي يأكلونه بالليلِ فهو تفضلٌ من اللهِ على خلقه، وكذلك كان لآدم عليه السلام ثلاثين يوماً كما على أمتي، ثم تلا هذه الآية {..كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}). وفيما كتب مولانا الرضا عليه السلام لمحمد بن سنان: (علَِّةُ الصومِ لِعِرفانِ مسِّ الجوعِ والعطشِ، ليكونَ ذليلاً مستكيناً، مأجوراً محتسباً صابراً، ويكونَ ذلك دليلاً لهُ على شدائِدِ الآخرة، مع ما فيهِ من الانكسارِ لهُ عن الشهوات، واعظاً لهُ في العاجل، دليلاً على الآجل، ليعلمَ شِدَّةَ مبلغِ ذلك من أهلِ الفقرِ والمسكنةِ في الدنيا والآخرة). وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الصَّوم جُنَّةٌ من آفاتِ الدنيا، وحجابٌ من عذابِ الآخرة، فإذا صُمتَ فَانوِ بصومِكَ كفَّ النَّفس عن الشهَّواتِ، وقّطعَ الهِمَّةِ عن خُطواتِ الشَّياطين، وأنزِلْ نفسك منزِلةَ المرضَى، لا تشتهي طعاماً ولا شراباً، وتَوقَّعْ في كلِّ لحظةٍ شِفاءَك من مرضِ الذنوب، وطَهَّرْ باطِنكَ من كلَّ كدرٍ وغفلةٍ، وظُلمةٍ يَقطعُكَ عن معنى الإخلاصِ لوجهِ اللهِ تعالى). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الصومُ لي وأنا أجزي به) "حديث قدسي".
5- فالصوم يميتُ موارد النفس، وشهوة الطبع، وفيه صفاء القلب، وطهارة الجوارح، وعمارة الظاهر والباطن، والشكر على النعم، والإحسان إلى الفقراء، وزيادة التضرع، والخشوع والبكاء، وجعل الالتجاء إلى الله، وسبب انكسار الهمة وتخفيف الحساب، وتضعيف الحسنات [من المضاعفة]، وفيه من الفوائد ما لا يحصى، وكفى بما ذكرناه لمن عقل ووفق.  
قال شيخنا -أطال الله بقاه وجعلني من كل مكروه فداه- ((إنَّ الله سبحانه كتب على المكلفين الصيام: ليجوعوا فتخف أجسادهم، وليعطشوا فتنشف أجسادهم، فإذا نشفت وخفت ذهبَ عنها الكسل المانع من العبادة، وكثرة النوم التي تدع الرجل فقيراً يوم القيامة لقلة حسناته؛ لأنه يمنعه عن التهجد في الليل، ويقلل الرزق، فيكثر همه بتحصيل المعاش. فإذا صام وجاع قويت روحه؛ لأن الجوع إدام الروح، وذهبت الأمراض من بدنه؛ لأن أكثر الأمراض من الشبع، فلذا كانت المعدة بيت الداء. وورد (صوموا تصحوا). وإذا صام جفت الرطوبات التي هي علة النسيان والبلادة وقلة الفهم، وعلة كثير من الأمراض، فإذا صام وجاع وعطش زاد فهمه وحفظه، وذهبت الرياح وسائر الأمراض من جسده، وذهب عنه الكسل في العبادة، وخف جسده لفعل الطاعات، وانكسرت نفسه عن الشهوات والخصال الذميمة؛ كالحسد والغضب والشهوة، والتكبر والبغي والعدوان، وطول الأمل، ونسيان الموت والآخرة، بل يكون دائماً ذاكراً للموت والحساب، والجنة والنار، وكل ذلك وأمثاله نتيجة العطش والجوع.
6- من أجل ما أشرنا إليه لوحوا عليهم السلام لمن يفهم الإشارة من طي الكلام فقالوا عليهم السلام ما معناه: (إن الشياطين تُقيَّد وتُغَلُّ في شهر رمضان)، وليس ذلك إلا عن المؤمنين الذين يجوعون ويعطشون تقرباً إلى الله سبحانه بصيامهم، وأما غير هؤلاء فلا تُقيَّد عنهم، [قال تعالى] {..أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} أي تزعجهم إزعاجاً)) انتهى كلامه أطال الله بقاءه وأعلى مقامه ورفع أعلامه[انتهى كلام الشيخ الأوحد]. ويؤيد ما ذكره –سلمه الله- ما ورد عن أحدهم عليهم السلام: (إنَّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش) وقول النبي صلى الله عليه وآله: (للصائم فرحتان: حين يُفطُِر، وحين يَلقى ربَّهُ عزَّوجلَّ، والذي نَفسُ محمَّد بيده لخلوفُ فَمِ الصائِم عند الله أطيب من ريح المسك)؛ وذلك لعدم وجود الشيطان الموجب للنتن والكدورة.]
(أسرار العبادات/السيد الأمجد الرشتي قدس سره)
نفعنا الله بالعلم النافع وجعلنا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}
7-(وسبحانَ ربِكَ ربِّ العزةِ عمَّا يَصِفُونَ وسَلامٌ عَلى المرسلينَ والحمَّدُ للهِ ربِّ العَالمينَ) وجزى الله علماءَنا خيرَ جزاءِ المحسنين، رحم الله الماضين منهم وأيَّدَ الباقين وسدَّدهم بتسديده وحفظهم بحفظه , لاسيما مولانا الحكيمَ الإلهي والفقيهَ الرباني مرجعَنا في المسيرة الأوحدية بعينه التي لا تنام وأعزه بعزته وأطالَ عمرَه الشريف بالصحة والعافية، ونسأله "جلَّ وعلا" أن يوفقَنا جميعاً لما يحبُه ويرضاه إنه سميع مجيب.. وصلى الله وسلَّم على ساداتنا وموالينا محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.

استماع للخطبة

 


فضيلة الشيخ عادل الشواف "سلمه الله"
مسجد أمير المؤمنين "عليه الصلاة والسلام"

التعليقات «1»

خادم الأطهار - السعودية [الإثنين 02 اكتوبر 2006 - 4:33 م]
مشكورين وحفظ اللهم شيخنا بعينه التي لاتنام وأطال عمره بالصحة والعافية وان يوفقه لكل خير